منتديات أشواقنا تحكي - قليل من الاهتمام تضيف الى رصيدك كثير من المحبين

كان جيش الإسلام عائداً من حنين.. متعباً مرهقاً, بعدما كادت الدائرة تدور على المسلمين,
ويلقوا هزيمة كبرى تُضيع النصر الذي حققوه منذ أيام قليلة في مكة المكرمة.

ها هو النبي على دابته يسير حامداً ربه على نصره..

الزحام شديد..

فالجيش تعداده اثنا عشر ألف مقاتل..

ويقترب رجل يرتدي نعلاً غليظاً بناقته من النبي صلى الله عليه وسلم،
ويقع حرف نعله على ساق النبي فتؤلمه؛ فيقرع الرجل بالسوط, قائلاً: "أوجعتني، فتأخر عني".

يبتعد الرجل حزيناً؛ فربما يكون هذا اللقاء العابر هو الأول الذي يجمعه مع النبي؛
فأي حظٍ هذا الذي جعله يؤذي ساق النبي!

وفي الصباح حدث شيء عجيب..

أخذ النبي يلتمس الرجل في الجيش الكبير؛ فالرجل ليس من مشاهير المسلمين؛
حتى كتب السيرة لا تذكر اسمه.. ويشتد النبي في طلبه حتى يعثر عليه، ويظن أن النبي يريد أن يعاقبه على ما كان منه في الأمس.

يجيء، وقلبه يرتجف بين أضلعه ترقباً لما سيكون..

لكنه وجد الخير كل الخير..

لقد بات النبي ليلته متشوقاً إلى شمس الصباح ليعتذر، ليعتذر للرجل عما كان من قرعه بالسوط؛
برغم أن الموقف كان عابراً، وربما يمرّ بنا دون أن نعيره اهتماماً..

ويلين النبي صوته ويقول: " إنك أصبت رجلي بالأمس فأوجعتني،
فقرعت قدمك بالسوط، فدعوتك لأعوّضك منها".

ويعطيه النبي ثمانين نعجة تعويضاً عن هذه الضربة البسيطة.

أيّ عظمة تلك التي يعلّمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم؟!

قلّبوا ما شئتم من صفحات التاريخ، ونقّبوا في صحائف العظماء؛
فلن تقع أعينكم على موقف كهذا أبداً.

هو لقاء وحديث عابر, يمرّ بي وبك, لا يسرق من عمرنا إلا لحظات معدودات,
ثم يأخذنا موكب الحياة الهادر, ويجرفنا تياره الزاخر بالأحداث والمشاغل التي لا تترك لنا فرصة لالتقاط الأنفاس,
واسترجاع ما مرّ بنا, ويختفي من ذاكرتنا من مروا في سماء يومنا كالشهب.

ومخطئ من يُهمل تلك اللحظات القصيرة واللقاءات العابرة..

فإنها يا أخي الحبيب قد تُكسبك صديقاً ينافح عنك أبد الدهر.. يحتفظ لك بأحلى مكان في زوايا قلبه..
أو تُكسبك مخالفاً يكافح من أجل نقدك والتقليل من شأنك، ولن تختفي أبداً من ذاكراته تلك اللحظات التي أسأت له فيها.

واعلم يا صديقي أن قليلاً من الاهتمام بالآخرين, سيجازيك الله عليه فوق ما تشتهي وتتمني؛
فما تزرعه في صباحك ستجني خيره في مسائك.

____________
فتنبّه يا صاحبي لعِظَم اللقاءات العابرة..
وتذكّر قوله صلي الله عليه وسلم: "إن الله يسأل عن صُحبة ساعة"..

فأي إجلال للصحبة هذه؟

إشراقة:
أهم مكوّن في وصفة النجاح هو معرفة كيفية التعامل مع الآخرين.. توماس روزفلت.

لروعته
Manqool